الرحمن الرحيم الكريم الأكرم الرؤوف
قال الله تعالى ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ) وقال تعالى ( ومن شكر فإنما
يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ) . وقال سبحانه : ( ويحذركم الله نفسه
والله رءوف بالعباد ). قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
تعالى : الرحمن ، الرحيم ، والبر ، الكريم ، الجواد ، الرءوف ، الوهاب ـ هذه الأسماء
تتقارب معانيها ، وتدل كلها على إتصاف الرب ، بالرحمة والبر والجود والكرم وعلى
سعة رحمته ومواهبه التي عم بها جميع الوجود بحسب ما تقتضيه حكمته ، وخص
المؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر ، والحظ الأكمل ، قال تعالى ( ورحمتي وسعت كل شئ
فسأكتبها للذين يتقون ) . والنعم والإحسان ، كله من آثار رحمته وجوده ، وكرمه
وخيرات الدنيا والآخرة كلها من آثار رحمته ، وقال بن تيمية رحمه الله في تفسير قوله
تعالى : ( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) سمى ووصف نفسه
بالمكرم ، وبأنه الأكرم بعد أخباره أنه خلق ليتبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهم
إلى الغايات المحمودة كما قال تعالى : ( الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ) ( ربنا
الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) ( الذي خلقني فهو يهدين) فالخلق يتضمن الابتداء
والكرم تضمن الانتهاء . كما قال في سورة الفاتحة ( رب العالمين ) ثم قال (الرحمن
الرحيم) ولفظ الكرم جامع للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاء من تمام معناه ،
فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن والكرم كثرة الخير ويسرته .. والله سبحانه أخبر
أنه الأكرم بصيغة التفضل والتعريف لها ، فدل على أنه الأكرم وحده بخلاف ما لو قال
(وربك الأكرم) فإنه لا يدل على الحصر ، وقوله (الأكرم) يدل على الحصر ولم يقل (الأكرم
من كذا ) بل أطلق الاسم ليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مفيد فدل على أنه متصف بغاية
الكرم الذي لا شئ فوقه ولا نقص فيه
الفتاح
قال الله تعالى ( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) . الفاتح :
الحاكم والفتاح من أبنية المبالغة . فالفتاح هو الحكم المحسن الجواد ، وفتحه تعالى
قسمان : 1ـ أحدهما : فتحه بحكمه الديني وحكمه الجزائي . 2ـ والثاني : الفتاح بحكمه
القدري ، ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على ألسنة رسله جميع ما يحتاجه المكلفون ،
ويستقيمون به على الصراط المستقيم ، وأما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه
ومخالفتهم وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء واتباعهم ونجاتهم ، وبإهانة أعدائه
وعقوباتهم وكذلك فتحه يوم القيامة وحكمه بين الخلائق حين يوفى كل عامل ما عمله .
وأما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خير وشر ونفع وضر وعطاء ومنع ،
قال تعالى : ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من
بعده وهو العزيز الحكيم ) .فالرب تعالى هو الفتاح العليم الذي يفتح لعباده الطائعين
خزائن جوده وكرمه ، ويفتح على أعدائه ضد ذلك ، وذلك بفضله وعدله.
الرزاق الرازق
وهو مبالغة من : رازق للدلالة على الكثرة والرزاق من أسمائه سبحانه . قال تعالى : ( إن
الله هو الرزاق ) ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) وقال صلى الله عليه وسلم
( إن الله هو المسعر القابض الباسط ، الرازق ) ورزقه لعباده نوعان : عام وخاص . 1ـ
فالعام إيصاله لجميع الخليقة جميع ما تحتاجه في معاشها وقيامها ، فسهل لها الأرزاق
، ودبرها في أجسامها ، وساق إلى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت ، وهذا
عام للبر والفاجر والمسلم والكافر ، بل للآدميين والملائكة والحيوانات كلها . وعام أيضاً
من وجه آخر في حق المكلفين ، فإنه يكون من الخلال الذي لا تبعة على العبد فيه ،
وقد يكون من الحرام ويسمى رزقاً ونعمة بهذا الاعتبار ، ويقال (رزقه الله ) سواء ارتزق
من حلال أو حرام وهو مطلق الرزق . 2ـ وأما الرزق المطلق فهو النوع الثاني ، وهو
الرزق الخاص ، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة ، وهو الذي على يد
الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نوعان : أ ـ رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك ،
فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلى أن تكون عالمة بالحق مريدة له متأهلة لله متعبدة
، وبذلك يحصل غناها ويزول فقرها . ب ـ وزرق البدن بالرزق الحلال الذي لا تبعة فيه ،
فإن الرزق الذي خص به المؤمنين والذي يسألونه منهم شامل للأمرين ، فينبغي للعبد
إذا دعا ربه في حصول الرزق أن يستحضر بقلبه هذين الأمرين ، فمعنى (اللهم أرزقني)
أي ما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالح
وخلق حسن ، وما به يصلح بدن من الرزق الحلال الهني الذي لا صعوبة فيه ولا تبعة
تعتريه .
الحي القيوم
قال الله تعالى : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) وقال سبحانه ( ألم الله لا إله إلا هو
الحي القيوم ) وقال عز وجل وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً .وهما
من أسماء الله الحسنى ، والحي القيوم جمعها في غاية المناسبة كما جمعها الله في
عدة مواضع في كتابه ، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال ، فالحي هو
كامل الحياة ، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم والعزة والقدرة والإرادة
والعظمة والكبرياء وغيرها من صفات الذات المقدسة والقيوم هو كامل القيومية وله
معنيان : 1ـ هو الذي قام بنفسه ، وعظمت صفاته واستغنى عن جميع مخلوقاته . 2ـ
وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات ، فهو الذي أجدها وأمدها
وأعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها ، فهو الغني عنها من كل وجه وهي
التي افتقرت إليه من كل وجه ، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعال لما
يريد .
الرب
قال الله تعالى : ( قل أغير الله ابغي رباً وهو رب كل شئ ) . هو : المربي جميع عباده
، بالتدبير ، وأصناف النعم ، وأخص من هذا ، تربيته لأصفيائه ، بإصلاح قلوبهم ،
وأرواحهم وأخلاقهم . ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم لأنهم يطلبون من هذه التربية
الخاصة .