الحميد
قال الله تعالى : ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) . ذكر ابن
القيم رحمه الله أن الله حميد من وجهين : أحدهما : أن جميع المخلوقات ناطقة بحمده ،
فكل حمد وقع من أهل السموات والأرض الأولين منهم والآخرين ، وكل حد يقع منهم في
الدنيا والآخرة ، وكل حد لم يقع منهم بل كان مفروضاً ومقدراً حيثما تسلسلت الأزمان
واتصلت الأوقات ، حمداً يملأ الوجود كله العالم العلوي والسفلي ، ويملأ نظير الوجود من
غير عد ولا إحصاء ، فإن الله تعالى مستحقة من وجوه كثيرة : منها أن الله هو الذي
خلقهم ، ورزقهم ، وأسدى عليهم النعم الظاهرة والباطنة ، الدينية والدنيوية ، وصرف
عنهم النقم والمكاره ، فما بالعباد من نعمة فمن الله ، ولا يدفع الشرور إلا هو ،
فيستحق منهم أن يحمدوه في جميع الأوقات ، وأن يثنوا عليه ويشكروه بعدد
اللحظات . الوجه الثاني : أنه يحمد على ما له من الأسماء الحسنى والصفات الكاملة
العليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة ، فله كل صفة كمال وله من تلك الصفة
أكملها وأعظمها ، فكل صفة من صفاته يستحق عليها أكمل الحمد والثناء ، فكيف
بجميع الأوصاف المقدسة ، فله الحمد لذاته ، وله الحمد لصفاته ، وله الحمد لأفعاله ، لأنها
دائرة بين أفعال الفضل والإحسان ، وبين أفعال العدل والحكمة التي يستحق عليها
كمال الحمد ، وله الحمد على خلقه ، وعلى شرعه ، وعلى أحكامه القدرية ، وأحكامه
الشرعية ، وأحكام الجزاء في الأولى والآخرة ، وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيط
بها الأفكار ، ولا تحصيها الأقلام
الحليم
قال الله تعالى : ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور
حليم ) . الذي يدر على خلقه ، النعم الظاهرة الباطنة ، مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ،
فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم . ويستعتبهم كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا وهو
الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق ،والعصيان حيث أمهلهم ولم
يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم ، فإن الذنوب
تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة ولكن حلمه سبحانه هو الذي
اقتضى إمهالهم كما قال تعالى ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها
من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) .
وقال تعالى : ( ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى
أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) .
البر الوهاب
قال الله تعالى ( إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ) وقال سبحانه ( ربنا لا تزغ
قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) . من أسمائه تعالى (البر
الوهاب) الذي شمل الكائنات بأسرها ببره وهباته وكرمه ، فهو مولى الجميل ودائم
الإحسان وواسع المواهب ، وصفة البر وآثار هذا الوصف جميع النعم الظاهرة والباطنة ،
فلا يستغني مخلوق عن إحسانه وبره طرفة عين . وإحسانه عام وخاص : 1ـ فالعام
المذكور في قوله : ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلماً ) ( ورحمتي وسعت كل شئ )
وقال تعالى : ( وما بكم من نعمة فمن الله ) وهذا يشترك فيه البر والفاجر وأهل السماء
وأهل الأرض والمكلفون وغيرهم . 2ـ والخاص رحمته ونعمه على المتقين حيث قال : (
فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذي يتبعون الرسول
النبي الأمي) وقال ( إن رحمة الله قريب من المحسنين) وفي دعاء سليمان ( وأدخلني
برحمتك في عبادك الصالحين ) وهذه الرحمة الخاصة التي يطلبها الأنبياء واتباعهم ،
تقتضي التوفيق للإيمان ، والعلم والعمل ، وصلاح الأحوال كلها ، والسعادة الأبدية ،
والفلاح والنجاح ، وهي المقصود الأعظم لخواص الخلق ، وهو سبحانه المتصف بالجود ،
وهو كثرة التفضل والإحسان ، وجوده تعالى أيضاً نوعان: 1ـ جود مطلق عم جميع
الكائنات وملأها من فضله وكرمه ونعمه المتنوعة. 2ـ وجود خاص بالسائلين بلسان
المقال أو لسان الحال من بر وفاجر ومسلم وكافر ، فمن سال الله أعطاه سؤله وأناله
ما طلب فإنه البر الرحيم ( وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون ) .
ومن جوده الواسع ما أعده لأوليائه في دار النعيم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا
خطر على قلب بشر.
الواحد الأحد
قال الله تعالى : ( قل هو الله أحد ) وقال سبحانه ( قل الله خالق كل شئ وهو الواحد
القهار ) . وهو الذي توحد بجميع الكمالات ، بحيث لا يشاركه فيه مشارك . ويجب على
العبد توحيده ، عقداً وقولاً وعملاً ، بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية
ويفردوه بأنواع العبادة . والأحد ، يعني : الذي تفرد بكل كمال ، ومجد وجلال وجمال
وحمد وحكمه ورحمة وغيرها من صفات الكمال . فليس له فيها مثيل ولا نظير ، ولا
مناسب بوجه من الوجوه ، فهو الأحد في حياته وقيوميته ، وعلمه وقدرته ، وعظمته
وجلاله ، وجماله وحمده ، وحكمته ، ورحمته ، وغيرها من صفاته ، موصوف بغاية
الكمال ونهايته ، من كل صفة من هذه الصفات . ومن تحقيق أحديته وتفرده بها أنه
(الصمد) أي : الرب الكامل ، والسيد العظيم، الذي لم يبق صفة كمال إلا اتصف بها ،
ووصف بغايتها وكمالها ، بحيث لا تحبط إلا اتصف بها ، ووصف بغايتها وكمالها ، بحيث
لا تحيط الخلائق ببعض تلك الصفات بقلوبهم ، ولا تعبر عنها ألسنتهم.
المتكبر
قال الله تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز
الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) . فهو سبحانه المتكبر عن السوء ، والنقص
والعيوب ، لعظمته وكبريائه .
الكافي
قال الله تعالى ( أليس الله بكاف عبده) . فهو سبحانه الكافي عباده جميع ما يحتاجون
ويضطرون إليه . الكافي كفاية خاصة ، من أمن به ، وتوكل عليه ، واستعد منه حوائج
دينه ودنياه .
الواسع
قال الله تعالى ( والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم) فهو سبحانه وتعالى
واسع الصفات ، والنعوت ، ومتعلقاتها ، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كما
أثنى على نفسه . واسع العظمة ، والسلطان ، والملك ، واسع الفضل ، والإحسان ،
عظيم الجود والكرم
الإله
هو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال ، فق دخل في هذا الاسم جميع الأسماء
الحسنى ، ولهذا كان القول الصحيح أن (الله) أصله (الإله) وأن اسم (الله) هو الجامع
لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى والله أعلم . قال الله تعالى ( إنما الله إله واحد
سبحانه أن يكون له ولد له ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا).