نورالسموات والأرض
قال تعالى ( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح في زجاجة
الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد
زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء) . وقال صلى الله
عليه وسلم : ( اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ..) . وقال صلى الله
عليه وسلم ( إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه
عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت
سبحانه وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) . قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله : من أسمائه جل جلاله ومن أوصافه (النور) الذي هو وصفه العظيم ، فإنه ذو
الجلال والإكرام وذو البهاء والسبحات الذي لو كشف الحجاب عن وجهه الكريم لأحرقت
سبحانه ما انتهى إليه بصره من خلقه ، وهو الذي استنارت به العوالم كلها ، فبنور
وجهه أشرقت الظلمات ، واستنار به العرش والكرسي والسبع الطباق وجميع الأكوان .
والنور نوعان : 1ـ حسي كهذه العوالم التي لم يحصل لها نور إلا من نوره . 2ـ ونور
معنوي يحصل في القلوب والأرواح بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب الله
وسنة نبيه ، فعلم الكتاب والسنة والعمل بهما ينير القلوب والأسماع والأبصار ، ويكون
نوراً للعبد في الدنيا والآخرة (يهدي الله لنوره من يشاء ) لما ذكر أنه نور السماوات
والأرض وسمى الله كتابه نوراً ورسوله نوراً. ثم أن ابن القيم رحمه الله حذر من اغترار من
اغتر من أهل التصوف ، الذين لم يفرقوا بين نور الصفات وبين أنوار الإيمان والمعارف ،
فإنهم لما تألهوا وتعبدوا من غير فرقان وعلم كامل ، ولاحت أنوار التعبد في قلوبهم ،
لأن العبادات لها أنوار في قلوبهم ، لأن العبادات لها أنوار في القلوب فظنوا هذا النور
هو نور الذات المقدسة ، فحصل منهم من الشطح والكلام القبيح ما هو أثر هذا الجهل
والاغترار والضلال ، وأما أهل العلم والإيمان والفرقان فإنهم يفرقون بين نور الذات
والصفات وبين النور المخلوق الحسي منه والمعنوي ، فيعترفون أن نور أوصاف البارئ
ملازم لذاته لا يفارقها ولا يحل بمخلوق ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ،
وأما النور المخلوق فهو الذي تتصف به المخلوقات بحسب الأسباب والمعاني القائمة بها
والمؤمن إذا كمل إيمانه أنار الله قلبه ، فانكشفت له حقائق الأشياء ، وحصل له فرقان
يفرق به بين الحق والباطل ، وصار هذا النور هو مادة حياة العبد وقوته على الخير علماً
وعملاً ، وانكشفت عنه الشبهات القادحة في العلم واليقين ، والشهوات الناشئة عن
الغفلة والظلمة ، وكان قلبه نوراً وكلامه نوراً وعمله نوراً ، والنور محيط به من جهاته ،
والكافر ، أو المنافق ، أو المعارض ، أو المعرض الغافل كل هؤلاء يتخبطون في
الظلمات ، كل له من الظلمة بحسب ما معه من موادها وأسبابها والله الموفق وحده
الله
هو المألوه المعبود ، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ، لما اتصف به من صفات
الألوهية التي هي صفات الكمال .
الملك المليك مالك الملك
قال الله تعالى : ( فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ) . وقال تعالى :
( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من نشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير ) .
فهو الموصوف ، بصفة الملك ، وهي صفات العظمة والكبرياء ، والقهر والتدبير ، الذي له
التصرف المطلق ، في الخلق والأمر والجزاء . وله جميع العالم ، العلوي والسفلي ، كلهم
عبيد ومماليك ، ومضطرون إليه . فهو الرب الحق ، الملك الحق ، الإله الحق ، خلقهم
بربوبيته ، وقهرهم بملكه ، واستعبدهم بالإهيته فتأمل هذه الجلالة وهذه العظمة التي
تضمنتها هذه الألفاظ الثلاثة على أبدع نظام ، وأحسن سياق ، رب الناس ملك الناس إله
الناس وقد اشتملت هذه الإضافات الثلاث على جميع قواعد الإيمان وتضمنت معاني
أسمائه الحسنى ، أما تضمنها لمعاني أسمائه الحسنى فإن (الرب) : هو القادر ، الخالق
، البارئ ، المصور ، الحي ، القيوم ، العليم ، السميع ، البصير ، المحسن ، المنعم ،
الجواد ، المعطي ، المانع ، الضار ، النافع ، المقدم المؤخر ، الذي يضل من يشاء ،
ويهدي من يشاء ، ويسعد من يشاء ، ويشقى ويعز من يشاء ، ويشقى ويعز من يشاء
، ويذل من يشاء ، إلى غير ذلك من معاني زبوبيته التي له منها ما يستحقه من الأسماء
الحسنى . وأما (الملك ) فهو الأمر ، الناهي ، المعز ، المذل ، الذي يصرف أمور عباده
كما يجب ، ويقلبهم كما يشاء ، وله من معنى الملك ما يستحقه من الأسماء الحسنى
كالعزيز ، الجبار ، المتكبر ، الحكم ، العدل ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، الخافض
، الرافع ، المعز ، المذل ، العظيم ، الجليل ، الكبير ، الحسيب ، المجيد ، الوي ،
المتعالي ، مالك الملك ، المقسط ، الجامع ، إلى غير ذلك من الأسماء العائدة إلى الملك .
وأما (الإله) : فهو الجامع لجميع صفات الكمال ونعوت الجلال فيدخل في هذا الاسم جميع
الأسماء الحسنى ولهذا كان القول الصحيح إن الله أصله الإله كما هو قول سيبويه
ومهور أصحابه إلا من شذ منهم وإن اسم الله تعالى هو الجامع لجميع معاني الأسماء
الحسنى والصفات العلى فقد تضمنت هذه الأسماء الثلاثة جميع معاني أسمائه الحسنى
فكان المستعيذ بها جديراً بأن يعاذ ويحفظ ويمنع من الوسواس الخناس ولا يسلط عليه .
وإذا كان وحده هو ربنا ، وملكنا ، وإلهنا ، فلا مفزع لنا من الشدائد سواء ، ولا ملجأ لنا
منه إلا إليه ، ولا معبود لنا غيره فلا ينبغي أن يدعى ، ولا يخاف ، ولا يرجى ، ولا يحب
سواء ، ولا يذل لغيره ، ولا يخضع لسواء ، ولا يتوكل إلا عليه لأن من ترجوه ، وتخافه ،
وتدعوه ، وتتوكل عليه إما أن يكون مربيك والقيم بأمورك ومتولي شأنك وهو ربك فلا
رب سواه ، أو تكون مملوكه وعبده الحق فهو ملك الناس حقاً وكلهم عبيده ومماليكه ،
أو يكون معبودك وإلهك الذي لا تستغني عنه طرفه عين بل حاجتك إليه أعظم من
حاجتك إلى حياتك ، وروحك ، وهو الإله الحق إله الناس الذي لا إله لهم سواه فمن كان
ربهم وملكهم ، وإلههم فهم جديرون أن لا يستعيذوا بغيره ، ولا يستنصروا بسواه ، ولا
يلجؤا إلى غير حماه فهو كافيهم ، وحسبهم ، وناصرهم ووليهم ، ومتولي أمورهم
جميعاً بربوبيته ، وملكه ، وإلهيته لهم . فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل ونزول عدوه
به إلى ربه ومالكه وإلهه .
الخالق البارىء المصور الخلاّق
خلق جميع الموجودات وبرأها ، وسواها بحكمته ، وصورها بحمده وحكمته ،الذي قال
وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم . الله تعالى : ( هو الله الخالق البارئ
المصور له الأسماء الحسنى ) ( إن ربك هو الخلاق العليم
المؤمن
الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال ، وبكمال الجلال والجمال ، الذي أرسل رسله ،
وأنزل كتبه بالآيات والبراهين ، وصدق رسله بكل آية وبرهان ، يدل على صدقهم وصحة
ما جاءوا به .
المهيمن
المطلع على خفايا الأمور ، خبايا الصدور ، الذي أحاط بكل شئ علماً ، وقال البغوي :
الشهيد على عباده بأعمالهم وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما يقال : هيمن يهيمن
فهو مهيمن إذا كان رقيباً على الشي .
المحيط
قال الله تعالى : ( ولله ما في السموات وما في الأرض بكل شئ محيطاً) وقال عز وجل (
وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط ) . وهو الذي أحاط
بكل شئ علماً ، وقدره ورحمة،وقهراً وقد أحاط علمه بجميع المعلومات ، وبصره بجميع
المبصرات ، وسمعه بجميع المسموعات ، ونفذت مشيئته وقدرته بجميع الموجودات ،
ووسعت رحمته أهل الأرض والسموات ، وقهر بعزته كل مخلوق ودانت له جميع الأشياء .