القاهر القهار
قال الله تعالى ( قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار ) وقال تعالى ( يوم هم
بارزون لا يخفى على الله منهم شئ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) .وقال عز وجل (
القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير ) . وهو الذي قهر جميع الكائنات ، وذلت له جميع
المخلوقات ، ودانت لقدرته ومشيئته مواد وعناصر العالم العلوي والسفلي ، فلا يحدث
حادث ولا يسكن ساكن إلا بإذنه ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وجميع الخلق
فقراء إلى الله عاجزون ، لا يملكون لأنفسهم نفعاً ، ولا ضراً ، ولا خيراً ولا شراً . وقهره
مستلزم لحياته وعزته وقدرته فلا يتم قهره للخليقة إلا بتمام حياته وقوة عزته واقتداره .
إذ لولا الأوصاف الثلاثة لا يتم له قهر ولا سلطان
الجبار
قال الله تعالى ( هو الله الذي لا إله هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز
الجبار ) للجبار من أسمائه الحسنى ثلاث معاني كلها داخلة بأسمه الجبار 1- فهو الذي
يجبر الضعيف وكل قلب منكسر لأجله فيجبر الكسير ويغني الفقير وييسر على المعسر
كل عسير ويجبر المصاب بتوفيقه بالثبات والصبر ويعوضه على مصابه أعظم الأجر إذا
قام بواجبها ويجبر جبراً خاصاً قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله . وقلوب المحبين بما
يفيض عليها من أنواع كراماته وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية فقلوب المنكسرين
لأجله جبرها دان قريب وإذا دعى الداعي قال اللهم أجبرني فإنه يريد هذا الجبر الذي
حقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره عنه . 2- المعنى الثاني أنه القهار لكل شئ
الذي دان له كل شئ وخضع له كل شئ. 3ـ والمعنى الثالث أنه العلي على كل شئ
وصار الجبار متضمناً لمعنى الرؤوف القهار العلي . 4ـ وقد يراد به معنى رابع وهو
المتكبر عن كل سوء ونقص وعن مماثله مماثلة أحد وأن يكون له كفؤ أو ضد أو سمي
أو شريط في خصائصه وحقوقه .
الحسيب
قال الله تعالى ( وكفى بالله حسيباً ) وقال سبحانه ( الا له الحكم وهو اسرع الحاسبين )
والحسيب: 1ـ هو الكافي للعباد جميع ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم من حصول
المنافع ودفع المضار . 2ـ والحسيب بالمعنى الأخص هو الكافي لعبده المتقي المتوكل
عليه كفاية خاصة يصلح بها دينه وديناه . 3ـ والحسيب أيضاً هو الذي يحفظ أعمال
عباده من خير وشر ويحاسبهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر . قال تعالى ( يا أيها النبي
حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) . أي كافيك وكافي أتباعك وكفاية الله لعبده
بحسب ما قام به من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وقيامه بعبودية
الله تعالى .
الهادي
قال الله تعالى ( وكفى بربك هادياً ونصيراً ) وقال تعالى ( وإن الله لهادي الذين آمنوا
إلى صراط مستقيم ) . الهادي أي الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع وإلى
دفع المضار ويعلمهم ما لا يعلمون ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد ويلهمهم التقوى
ويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادة لأمره والهداية هي دلالة بلطف وهداية الله تعالى
للإنسان على أربعة أوجه : الأول : الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنة
والمعارف الضرورية التي أعم منها كل شئ بقدر فيه حسب احتماله كما قال تعالى (
ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . الثاني : الهداية التي جعل للناس بدعائه
إياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى ( وجعلنا
منهم أئمة يهدون بأمرنا ). الثالث : التوفيق الذي يختص به من اهتدى وهو المعني بقوله
تعالى : ( والذين أهتدوا زادهم هدى ) وقوله تعالى : ( ومن يؤمــــن بالله يهدي قلبه )
وقوله : ( إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ) وقوله : ( والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) . الرابع : الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله (
سيهديهم ويصلح بالهم ) وقوله ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) وهذه الهدايات الأربع مترتبة
فإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل الثانية بل لا يصح تكليفه ومن لم تحصل له الثانية لا
تحصل له الثالثة والرابعة ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها ومن حصل
له الثالث فقد حصل له اللذان قبله ثم ينعكس فقد تحصل الأولى ولا يحصل له الثانية ولا
يحصل الثالث والإنسان لا يقدر أن يهدي أحداً إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر
أنواع الهدايات وإلى الثانية أشار بقوله : ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) وقوله : (
يهدون بأمرنا ) وقوله : ( ولك قوم هاد ) أي داع وإلى سائر الهدايات أشار بقوله : ( إنك
لا تهدي من أحببت ) . فهو الذي قوله رشد وفعله كله رشد وهو مرشد الحيران الضال
فيهديه إلى الصراط المستقيم بياناً وتعليماً وتوفيقاً فأقواله القدريه التي يوجد بها
الأشياء ويدبر بها الأمور كلها حق لإشتمالها على الحكمة والحسن والإتقان وأقواله
الشرعية الدينية هي أقواله التي تكلم بها في كتبه وعلى ألسنة رسله المشتملة على
الصدق التام في الأخبار والعدل الكامل في الأمر والنهي ، فإنه لا أصدق من الله قيلا ولا
أحسن منه حديثاً . ( وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ) . في الأمر والنهي وهي أعظم وأجل
ما يرشد بها العباد بل لا حصول على الرشاد بغيرها فمن ابتغى الهدى من غيرها أضله
الله ومن لم يسترشد بها فليس برشيد . فيحصل بها الرشد العملي وهو بيان الحقائق
والأصول والفروع والمصالح والمضار الدينية والدنيوية ويحصل بها الرشد العملي فإنها
تذكي النفوس وتطهر القلوب وتدعو إلى أصلح الأعمال وأحسن الأخلاق وتحث على كل
جميل وترهب عن كل ذميم رذيل ومن استرشد بها فهو المهتدي ومن لم يسترشد بها
فهو ضال . ولم يجعل لأحد عليه حجة بعد بعثته للرسل وإنزاله للكتب المشتملة على
الهدى المطلق فكم هدى بفضله ضالاً وارشد حائراً وخصوصاً من تعلق به وطلب منه
الهدى من صميم قلبه وعلم أنه المنفرد بالهداية وكل هداية ذكر الله عز وجله أنه منع
الظالمين الكافرين فهي الهداية الثالثة وهي هداية التوفيق والإلهام الذي يختص به
المهتدون والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة كقوله عز وجل ( والله لا
يهدي القوم الظالمين ) وقوله : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا عن الآخرة وأن الله لا
يهدي القوم الكافرين ) وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر
فهي ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال
الجنة كقوله تعالى : ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) . فاسال الله أن
يهدينا لما يحبه ويرضاه فهو المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله .